قرية "الكابري" حارسة حق العودة
قرية "الكابري" قرية فلسطينية في أراضينا المحتلة عام (1948م)، هي من قرانا المهجرة التي عانت ويلات النكبة والمجازر الصهيونية، وعانت ويلات التهجير؛ يحيا أبناؤها صامدين ثابتين على أرضهم بانتظار العودة والانتصار وإقامة الدولة الفلسطينية، لقد أقام أهل قرية "الكابري" مهرجانًا جماهيريًّا كبيرًا في ذكرى نكبة فلسطين، وحشدوا الآلاف من المدن والقرى الفلسطينية في أراضي الـ(48) كافة، وعلت الصيحات والهتافات المشددة على التمسك بحق العودة والصمود والثبات على أرضهم، غير عابئين بتهديد الاحتلال والمطاردة وهدم المنازل، وقد أعلن أهلنا في قرية "الكابري " بكل فخر أنهم قرروا أن يضعوا لافتة ترحيبية كبيرة على حدود القرية، يكتب عليها: "الكابري ترحب بضيوفها، وتستقبل العائدين إليها من أبناء شعبنا الفلسطيني".
قرية الكابري الفلسطينية تبعد أمتارًا قليلة عن بحر عكا وعن سجن عكا، وأعلن أبناؤها الأوفياء أنهم لن يخرجوا من أرضهم، وسيقيمون أعراس عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى كل القرى المهجرة، إلى: عكا وحيفا والمثلث والجليل ولوبيا، وأعلنوا أنهم لن يتزحزحوا أبدًا عن أرضهم وقراهم غير عابئين بما يطالهم من أذى، وأعلنوا أنهم سيبقون على مقاومة الاحتلال حتى عودة الأرض وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
وقرية "الكابري" الفلسطينية من القرى العريقة التي لها تاريخ ثوري وتراثي كبير، فهي تتميز بموقعها الإستراتيجي الهام، وجمال مبانيها وأجوائها وطرقاتها وساحاتها، وهي من قرى الجليل الفلسطيني تتبع قضاء عكا، وتبعد عنها نحو (12كم) باتجاه الشرق، وتبلغ مساحتها (38000) دونم، ويذكر الرحالة أن اسمها يعود إلى "الكبير والغني"، ويسجل تاريخ فلسطين دورها البارز في الثورة الفلسطينية الكبرى (1936م -1939م)، إذ كانت إحدى المحطات التي لجأت إليها فصائل الثورة، وعمل أهل القرية على مد ثوار فلسطين والفدائيين بالمؤن، وقطعوا أسلاك الهاتف المارة بجوار قريتهم مرات عدة، وذكرت صحيفة (دافار) في عددها الصادر في 4/6/1936م أن "سلطات الانتداب" فرضت غرامة جماعية على أهل الكابري التابعة لقضاء عكا، مقدارها (220 جنيهًا)، في أعقاب تكرار حوادث قطع أسلاك الهاتف، وأشارت الصحيفة إلى أن السكان يرفضون دفعها، وورد في الصحيفة نفسها في عددها الصادر في 27/6/1936م أن سلطات "الانتداب البريطاني" فرضت على قرية الكابري للمرة الثانية غرامة مالية بمبلغ قدره (80 جنيهًا)، وقد جبت هذا المبلغ من السكان نقدًا، ويوجد في القرية عيون مياه عذبة، وهي التي زودت عكا بالمياه، خاصة عين الباشا، وعين العسل التي كانت مياهها تنقل في قناة محمولة على قناطر مازالت أجزاء ومقاطع منها ماثلة للعيان، ووجود عيون المياه فيها أكسب موقعها دورًا إستراتيجيًّا يوفر للمسيطرين عليها مصادر القوة والنفوذ، وقد وصف أحد الضباط الصهاينة هذه القرية بقوله: "كانت الكابري قرية كبيرة، مبانيها فخمة، سكنها أناس أغنياء، بنوا قصورًا جميلة".
ويشهد التاريخ لقرية "الكابري" دورها البارز في مقاومة الهجرات اليهودية، وكانت القرية مصدر إلهام للثوار في مقاومة الاحتلال البريطاني والهجرات الصهيونية.
في 14/5/1948م بدأت قوات (هاغانا) بعملية (بن عامي) لاحتلال عكا، والجليل الغربي، كما جاء في الأمر الصادر في 19/5/1948م من قائد لواء (كرميلي) إلى قادة الكتائب بالهجوم بهدف الاحتلال وقتل الرجال وهدم وحرق القرى التالية: الكابري، وأم الفرج والنهر، في 21/5/1948م احتلت قوات لواء (كرميلي) القرى المذكورة، وكان معظم السكان قد هجروا من تلك القرى منذ بداية شهر أيار في عمليات انتقامية قامت بها قوات (هاغانا)، قتل خلالها عدد من سكان الكابري، وكان القصف متواصلًا، وقد نفذت القوات الصهيونية حكم الإعدام رميًا بالرصاص على 7-8 من سكان الكابري، ثم نسفت بيوت القرية عن بكرة أبيها.
قرية "الكابري" مثلت أنموذجًا للقرى الصامدة في وجه الاحتلال والآلام والعذابات، وذكريات النكبة لم يتخل أهلها عنها، وقال شيخ الأقصى رائد صلاح بأعلى صوته على أرض هذه القرية: "لن نتخلى عن أي شبر من أراضينا، وسنبقى ثابتين ونتحدى من يقول: "الآباء سيمتون والأبناء سينسون"، سأتحدث بلغة أمي: "يا أيها الواهمون من وراء البحار والقارات، يوم أن قلتم: "الآباء سيموتون والصغار سينسون"، أقول لكم: في يوم من الأيام كان مفتاح العودة في جيب أجدادنا، ثم انتقل مفتاح العودة إلى جيوب آبائنا، ثم انتقل مفتاح العودة إلى جيوبنا، أقول لهم: فتشوا جيوبنا، ما فيها (دولارات) ولا (يورو)، فيها مفتاح حق العودة، في جيوبنا وجيوب أبنائنا، وأقولها: مفتاح العودة لن يضيع ولن يصادر ولن يباع، وسيبقى في جيوبنا أمانة حتى نفتح إن شاء الله آخر باب في آخر بيت بقرانا الفلسطينية المهجرة"، وأقول هنا: ستبقى دائمًا وأبدًا رهانات العدو الصهيوني على الجيل الفلسطيني خاسرة، فلن ننسى حقوقنا وثوابتنا، ولن ننسى حق العودة، ولن ننسى الأرض والقدس والأقصى والمسرى الشريف.
المرجع
لاجئ نت